Normal
0
false
false
false
MicrosoftInternetExplorer4
أولا : إيقاف الحرب وإحلال السلام في السودان:
أن اكثر المناطق في السودان المتأثرة بالحرب هي جنوب كردفان والنيل الازرق ، وان المعالجة السياسية الهادفة إلى إزالة كافة المظالم القائمـة في هاتين المنطقتين لابد ان تتم عبر تنفـيذ تلك المعالجات مع الالتزام بتحقيق السـلام العادل والديمقـراطي والوحـدة القائمـة على الإرادة الحـرة لشعب جنوب كردفان والنيل الازرق وحل النزاع المسلح الحالي بالوسائل السلمية مـن خلال تسوية عادلة وناجزة. ويرى في هذا الإعلان أساسا عمليا ومعقولا لتحقيق السلام الدائم والعادل.
التأمين على أن قضايا جبال النوبة والنيل الازرق لا يمكن حلها إلا عبر طريق حوار صريح، جاد ومستمر بين كل المجموعات الوطنيـة بتلك المناطق و أن السلام العـادل والاستقرار في البلاد لا يمكـن تحقيقهما عن طريق حل عسكري لانها سوف تنتهي حركه وتتوالد حركات اخري بسبب النزاعات وعدم توحد الاهداف الحقيقية واتباع المنافع والمصالح الشخصية والعمل بنظام التبعية ويجب العمل بجدية من اجل اتخاذ موقف موحد بين كل الاطراف على بناء الثقة وإعادة صياغة الدولة السودانية حتى تأتى الممارسة دعما لخيار الوحدة . فهو كذلك آلية لوضع نهاية فورية للحرب وفرصة تاريخية متفردة لبناء سودان جديد يؤسس على العدالة والديمقراطية والإرادة الحرة.
ثانيا : القضايا الإنسانية:
فاقمت السياسـات الاقتصـادية الخاطئة للنظام وتصعيده للحرب من ظواهر الهجرة الداخلية والنزوح وأوقعت أضرارا بالغة بالبيئة مما افرز وضعا مأساويا يعيش في ظله مواطني جنوب كردفان والنيل الازرق خاصة المرأة ، ونسبة للضرورة العاجلة لرعاية أبناء شعبنا من النازحين في الداخـل واللاجئين في الخارج، يجب وضع برنامجا عمليا عاجلا لإغاثة المـواطنين داخل البلاد وتقديم الخدمات الضرورية للاجئين والنازحين، وإزالة مـا لحق بحياة الضحايا والمنكوبين من المعاناة على المدى الآني والمستقبلي وفي تعاون لصيق مع المجتمع الدولي والإقليمي وبالتنسيق مع المؤسسات المعينة بهذا الأمر في داخل السودان. كمـا دفعت الحرب وعدم الاستقرار والاضطهاد السياسي وانتهاك حقوق الإنسان بأعداد كبيرة من خيرة أبناء الشعب للجوء خارج البلاد.
ثالثا : التهميش في الخـدمات الإجتماعية:
لقــد أهملت مناطق جبال النوبة والنيل الازرق إهمــالاً شديداً في مجال الخــدماتالإجتماعية من قبل المــركز ممـا أدى الى إنعدام البنية التحتية في مجالاتالصحــة و الرعاية الإجتماعية و تحسين الطرق لربط الإقليم ببقية أجزاءالسودان الأخرى. وظل المواطنون يعانون من عدم وجــود الخــدمات صحيةالمتمثلة في المستشفيات و الأطباء والإخصائيين في مجال الأمراض المتفشية والمستوطنة بالمنطقة ، مما جعل مواطنو المنطقة يأخذون مرضاهـم الى الخرطومبحثاً عن العلاج .وقــد تسبب هــذا الإهمال في تفشي الأمراض في المنطقة. كما أن انعدام صحة البيئة قد ساعد أيضاً على انتشار الأمراض و الآوبئة خاصةالملاريا التي تحصد الآلاف من الآرواح كل سنة. والواضح أن نسبة الأطفالالذين يموتون في الجبال بسبب عدم وجود أى خدمات صحية أو بنية تحتية هم أعلىنسبة وفيات بين ألأطفال بالمقارنة مع بقية الأقاليم الأخــرى في السودان.
رابعا : التهميش في المجال الإقتصادي و التنموي:
ظلتالصفوة الشمالية مسيطرة سيطرة تاماً على الإقتصاد السوداني و لم ترد إشراكالأخرين معهاوإعطاء فرص متساويةلأبناء المناطق المهمشة في بناءالإقتصاد و لهــذا لم تنعم منطقة جبال النوبة والنيل الازرق و لا المناطق المهمشة الأخــربالتنمية سوى زراعية كانت أم إقتصادية ، وقــد سبب ذلك في تدهــور الإنتاجالزراعي والصناعي و التدني في الخدمات ، الذي أدى الي صعوبة الحياةالمعيشية في الأقاليم. ومن أهم ظواهر ونتائج سياسة التهميش في التعليم والمشاركة في الحركة الإقتصادية و التجارية أن تجــد معظم أبناء النوبةيضطرون إلى إمتهان الحرف و الأعمال التي لا تتطلب مؤهلات تذكر و بـهذا فهىبطبيعتها من النوع الذي يدر أقل الدخول مما جعل هــذه الفئة من الناس تقبعفي ظلمات الفقر و الجهل على مدى الخمسين عاماً الماضية. و المعروف أنالحكومة الحالية سعت بكل الوسائل لتشريد أبناء المنطقة و تدميرها اقتصادياًو خير دليل على ذلك تصفية مؤسسة جبال النوبة الزراعية و تشريد كل كوادرهاالمؤهلة إلى خارج المنطقة. و المثال الآخر هو مصنع نسيج كادوقلي الذي عانىمن اهمال السلطات مما أدى إلى توقفه من العمل و تشريد العالمين بالمصنع. المعروف أن المصنع تم إنشاؤه في عهد مايو دون دراسة جدواه الاقتصادية، إذأن الهدف منه كان سياسياً بحتاً. فالمصنع كان من المفترض أن يكون مصنع غزلو نسيج إذا وضعنا في الاعتبار أن المنطقة تمتاز بانتاج أجود أنواع القطنقصير التيلة في السودان. ففي الوقت الذي كانت تصدر فيه أقطان جبال النوبةلتغزل خارج المنطقة، كان المصنع يتوقف لشهور في انتظار وصول الخيوط منالحاج عبد الله بالجزيرة – و هذا بالطبع يضاعف تكلفة الانتاج.
المعروفأن الطرق تعتبر الشريان الرئيسي للتنمية و الانعاش الاقتصاديفي كلمنطقة، إلا أن الحكومات في السودان تعمدت إهمال الطرق و وسائل الاتصال فيالمنطقة مما ساعد على تخلف المنطقة اقتصادياً و تنموياً. فالطريق الرئيسيالذي يربط مدن كادوقلي الدلنج و الأبيض قد عانى الاهمال من قبل الحكوماتالسابقة، مما جعل المنطقة مقطوعة تماماً من بقية اقاليم السودان خاصة فيفصل الخريف. لقد ازداد الأمر سوءاً في عهد الحكومة الحالية التي فرضت عزلةتامة على المنطقة بغرض تنفيذ برامجها الخاص بالتطهير العرقي في المنطقةبعيداً من أعين المجتمع الدولي. و هذا بالطبع قد زاد من عزلة المنطقة وتخلفها عن ركب التنمية و الازدهار. و سعت الحكومة أيضاً على إيقاف كلالمشاريع التنموية المدعومة من قبل المنظمات الدولية في المنطقة- كمنظمةتنمية جبال النوبة و بعض المنظمات التي كانت تعمل في مجال الأبحاثالزراعية.
خامسا : التهميش السياسي و الإداري:
قد عملت سياسة المناطق المقفولة التي فرضها الاستعمار البريطاني على تهميشالمنطقة خاصة في مجالات السياسة و الاقتصاد والانفتاح على العالم المتحضر،و كان الأمل كبيراً أن الحكومات الوطنية التي أتت بعد الاستقلال أن تخرجالمنطقة من عزلتها و تمسك بيدها نحو الرقي و التقدم. إلا أن تلك الحكوماتعملت على استغلال ذلك التخلف الموجود في المنطقة لتوطيد نفوذها و تمكيناستعلائها العرقي و السياسي و الاقتصادي. و درجت ما تسمى بالأحزاب الكبيرةعلى جعل المنطقة دوائر سياسية مقفولة بالنسبة لها، و كثيراً ما يأتونبنوابهم لترشيح أنفسهم في المنطقة و من ثم تمثيل المنطقة في البرلمان. وأدت تلك السياسات إلى تهميش المنطقة سياسياً حيث أصبح أبناء المنطقة لايملكون قرارهم السياسي. و قد ساعدهم على ذلك انعدام الكوادر المؤهلة منأبناء المنطقةبسبب إنعدام التعليم . و عندما قام أبناء المنطقة منالانعتاق من تلك العزلة السياسية بانشائهم كيانات سياسية كاتحاد أبناء جبالالنوبة و الحزب القومي السوداني وجدوا مقاومة شديدة من تلك الأحزابالتقليدية و التي رأت أن نفوذها السياسي في المنطقة قد أخذ في الانحسار. وما الحملة الحالية الشرسة ضد المثقفين من أبناء المنطقة التي بدأت بصورةواضحة قي عهد الديمقراطية الثالثة و اشتد أوارها في ظل النظام الحالي، إلاوسيلة من الوسائل التي اتبعت لإخماد كل صوت ينادي باستقلال المنطقةسياسياً.
سادسا : التهميش الثقافي:
كلنايعمل أن الحكومات التي تعاقبت على السودان كانت تحاول بكل ما أوتيت من قوةعلى تهميش ثفاقات السكان الأصليين للسودانو فرض الثقافة العربيةالاسلامية من أجل الاستعلاء العرقي و الثقافي و من ثم على السلطة و الثروةفي البلاد. و قد بدأت تلك السياسات في جبال النوبةمنذ فجر ما بعدالاستقلال بمحاربة اللغات المحلية، حيث كان أبناء النوبة يمنعون من التحدثمع بعضهم البعضبلغاتهم المحليةفي المدارس بل كان مصيرهم العقاب أن همتجرأوا على ذلك. و لذلك ليس مستغرباً أن يلاقي ذلك الإرث اللغوي الثرالأهمال الشيء الذي سيؤدي إلى انقراضه بمرور الزمن. كما أن تراث جبالالنوبة الذي يمثل امتداداً طبيعياً لحضارات ممالك النوبة القديمة قد تعرضلحملة شعواء من أجل القضاء عليه بحجة أنه لا يتماشىمع التيار العروبيالأسلاموي الذي تنادي به فئة قليلة من أبناء السودان الشمالي.
سابعا: التهميش في إتفاقية نيفاشـا:
عندما ننظر للإتفاقية جيداً تجــد إنهناك سلبيات كثيرة ، وهــى قد همشت جبال النوبة تهميشاًشديداً في كثيرمن الأمــور و أهمها عدم الإعتراف بحق تقرير المصير لمواطني جبال النوبة والنيل الازرقوإعطائهم الحــكم الذاتي الكامل ، وهــذان هــما المطلبان الأساسيان التيتقدمت بها التنظيمات السياسية و تنظيمات المجتمع المدني لسكرتياريةالإيقــاد أثناء المفاوضات في نيفـــاشــا. وقــد سعى الطرفان المفاوضان فيتهميش النوبة وإضعافهم حيث ساوما في فضية جبال النوبة و النيل الأزرقللوصول الي إتفاق في المسائل المستعصية بينهما ، لذلكجاء التهميش فيتقـسيم السلطــة و الثروة و ملكــية الأرض وفي الحق التاريخي لإسم جبالالنوبة الذي إستبدلته الإتفاقية بجــنوب كردوفان ، و كما ضمــتالإتفاقيةولاية غــرب كردفان الى جبال النوبة دون إستشارة مواطني المنطـقة ، ثمقامت بتخصيص 2% من عائدات البترول لقبيلة المسيرية لكسبهم إلى جانبالحكومــة. من أهـم سلبيات إتفاقيةالسلام أن الأطراف المشتركة في وضع أســسها قد أعطــت لنفسها الحق في تقسيمجبال النوبة بين الطرفين المفاوضين في وضع الإتفاقية دون الأخــذ فيالإعتبار برأى مواطني هــذه المنطقة أو ممثليهم في أوساط المجتمع المدني . خـطورة هــذه التقسيمات بأنه في حالة قرر الجنوبيون الإنفصال عن الوطنيسود هــذا البند من الإتفاقية بتقسيم جبال النوبة وإفرازأنواع جديدة من الشتات لشعب جبال النوبة و الذي لا يخفى على أحــد انهوبسبب السياسات الخاطئة و في كثير من الأحيان الإجرامية أنه نال نصيب الأسدمن التشريد و الشتات و التهميش و الفقر و عدم الحصول على الخدمات الضروريةفي مناطقه على مدى الخمسين عاماً الماضية ، لا بل إن هــذه المنطقة عانتمن التدمير المتعــمد لما كان بها من بنيات أساسية بسيطة لم تعــد لها وجود الأن , و أصدق مثال على ذلك هــو فقدان هــذه المنطقة لما كان بها منمدارس متوسطة و ثانوية ، ولما كان بها من خدمات طبية محددة و ما أصاب مؤسسةجبال النوبة الزراعية من التدمير و ما أصاب المحلج من خــراب.
ولمـاكانت سياسة التميز والتفرقة منهجــاً واضحاً تسير عليه الحكومة لإضعافالنوبة وتذويبهم و القضاء على ثقافتهم و هــويتهم الغير العربية ، كانلابــد لأبناء جبال النوبة أن ينهضوا من سباتهم لمـواجهة تحـديات المرحــلةالقادمــة. إن مواطني جبال النوبة بالداخل يتطلعونإلى أبنائهم بالخارجللقيام بدور طليعى تجاه أهليهم و اخراجهم من مأزق المؤمرات السياسيةالمحدقة بهم. وهــذا يتطلب تضافر الجــهــود بتوحيـد الصفوف و الكلمــة والوقوف معــاً لمــواجهــة التحــديات و ما يتبعها منأمــور صعبة و تعقيدات جاءت بها الإتفاقيـة .
، وبعدما كنا متحدين في آرائنا أصبحنا أكثر فرقة سياسياً و أضعف اقتصادياًوكدنا اليوم أن نتفرق ســبأ. و لذا, فعلينا أن نتخطى المرحلة السابقة بكلسلبياتها و ايجابياتها. و أن ننطلق مسلحين بإيماننا بقضية النوبة العادلةمتوحدين في آرائنا حتى نحقق الأمن و الرفاهية لشعبنا البطل.
.راهب ابوزيد